سوسن اسماعيل: الباحثة السوريّة الصّغيرة.
من المثير للاهتمام أن نرى أحداً ما مهتماً بقضية معينة ويسعى للوصول إلى هدف يتعلق بها، كم من الأشخاص يحاولون حل قضية بحد ذاتها؟ وكم منا حين يأخذ قضية في يده يستمر بها؟
سوسن اسماعيل ذات الـ28 ربيعاً، طبيبة وطالبة دراسات عليا اختصاص باثولوجي تعمل بمجال الأبحاث الطبية، وتحمل على عاتقها حلماً يحتاجه الكثير من الأشخاص.
عرفينا عن نفسك قليلاً آنسة سوسن، ماذا تعملين وما هي هواياتك؟
أنا سوسن اسماعيل أعمل طبيبة وطالبة دراسات عليا في جامعة تشرين وأعمل في مجال الأبحاث العلمية، المطالعة من أهم هواياتي.
كيف اخترتِ الطب ولمَ هذا المجال بالذات؟
كان لدي منذ أيام المرحلة الثانوية طموح وشغف يتعلق بموضوع علاج السرطان تحديداً، وكنت مهتمة بقراءة أي شيء جديد يخص اكتشاف طرق تشخيصية حديثة أو تقنيات علاجية، كما كان لدي شغف عام بموضوع الأبحاث والاطلاع على كل جديد، حتى وجدتُ أن في الطب مجالات واسعة وإمكانيات أكبر كي أختار على أثرها الاختصاص الذي يلبي طموحي. ولهذا اخترت اختصاص الباثولوجي الذي يركز على التشخيص النسيجي والخلوي للعينات الورمية وغير الورمية.
بما أنك تحبين مجال الأبحاث، فهل هناك أبحاث طبية شاركتِ بها أو نفذتِها؟ وهل هناك بحث قيد الدراسة الآن؟
نشرتُ حتى الآن 12 ورقة بحثية في مجلات علمية محكمة عالمية ضمن مجال التشخيص الباثولوجي للأورام. أعمل حالياً على عدة أوراق بحثية تتعلق بالتشخيص المناعي والجزيئي لبعض أنواع السرطان. كما اختارتني عدة مجلات محكمة عالمية تابعة لدور نشر مرموقة مثل Springer Nature و Elsevier لأكون عضو لجنة تحكيم، وشاركتُ بعدة مؤتمرات محلية وعالمية تعنى بتشخيص السرطان.
ما هي التحديات التي واجهتِها خلال دراستك وعملك؟
كانت أغلب الصعوبات عدم القدرة على إجراء بعض أنواع الدراسات أحياناً بسبب عوائق مختلفة، وأيضاً الموازنة بين العمل والدراسة والبحث العلمي ومحاولة مواكبة كل جديد. أستطيع القول من تجربتي أنني استطعتُ النشر في مجلات عالمية محكمة وبشكل مجاني تماماً، واستطاع الكثير من الطلاب القيام بذلك، لذلك يمكن أن نتجاوزها من خلال العمل المتقن.
إذا كنتِ تستطيعين تغيير هذه التحديات وتسهيل الأمور لغيرك، فما الأمور التي تقدمينها؟
أهم ما أستطيع قوله أنه بوجود الإرادة والتصميم عند أي طالب لديه الشغف وفي أي مجال، فيمكن التغلب على كل الصعوبات، لأن الكثير من الطلبة استطاعوا أن يتميزوا ويبدعوا رغم عدة صعوبات، لذا يجب ألا نركز على الصعوبات أو نقف عندها، وإنما نعمل بجد، ونبحث، ونتعب، وخصوصاً أننا في زمن كل المصادر فيه موجودة بمتناول أيدينا سواء على الأنترنت أو الكتب.
من هو الداعم الأول لكِ؟
عائلتي والدتي ووالدي وأختي، وأيضاً أساتذتي القديرين باختصاص الباثولوجي.
ما هي أحلامكِ الآن بخصوص مجالك؟ وبشكل عام كمان إذا كان لديك أحلام أخرى مهنية أو دراسية؟
أكمل دراستي وأعمل بمجال الـ molecular pathology أي الدراسة الجزيئية للأورام والسرطان بهدف تحري طفرات ومستقبلات جديدة بالخلايا الورمية.
بعيداً عن موضوعنا، هل هناك أمل في علاج السرطان؟
طبعاً، لا يوجد علاج واحد للسرطان وإنما يكمن العمل حالياً على موضوع العلاجات المناعية immunotherapy التي تهدف لتعديل وتعزيز آليات دفاعية في الجسم لمحاربة الورم وأيضا علاجات الـ Targeted therapy التي تهدف لتحري مستقبلات وجزيئات معينة بالخلايا ومن ثم استهدافها وإيقاف التكاثر الورمي وقد قطع العلم خطوات كبيرة حتى الآن وظهرت العديد من الأبحاث والنتائج الواعدة، كما يطبق العلم هذه التقنيات العلاجية ويسجل نتائج مميزة. تبقى الفكرة الأهم هي التحري والتشخيص المبكر للسرطان من خلال حملات التشخيص الدوري للكشف المبكر عن بعض أنواع السرطانات مثل سرطان الثدي والبروستات وعنق الرحم لأن التشخيص المبكر يعني إمكانية شفاء أكبر.
نسمع بفكرة سيئة دائماً، وهي أنه حين نكتشف السرطان بوقت مبكر ويشفى الشخص، يعود في منطقة ثانية بعد فترة، لمَ يحدث ذلك؟
السرطان مرض قابل للعلاج والشفاء الجذري في حال التدبير الباكر والصحيح، لكن الفكرة أنه بين الخلايا السرطانية يوجد خلايا أخرى تسمى الخلايا الجذعية السرطانية وهي خلايا تملك قدرة على التكاثر العشوائي ومقاومة العلاجات الكيميائية والشعاعية التقليدية وتعزيز تكاثر ونمو الورم، فما يحدث أن يتم أحيانا إزالة معظم الكتلة الورمية لكن تبقى بعض هذه الخلايا موجودة فمن الممكن أن تعود وتتكاثر وتسبب نكس الورم او إعطاء نقائل، لكن العلاجات الحديثة تركز على محاولة استهداف هذه الخلايا بهدف إبطال إمكانية نمو الورم الخبيث أو عودته.
هل لديك أمور تعتبرينها إنجازات خارج مجالك تماماً؟
إنها ليس إنجازاً بقدر ما أعتبرها خطوات، فمثلاً شاركت بعدة فرق تطوعية لترجمة الكورسات العلمية والطبية للطلبة، كما شاركت في حملات تطوعية بهدف التوعية حول التشخيص المبكر لسرطان الثدي.
في النهاية هل لديكِ نصيحة للأشخاص ممن يجدون صعوبة وخوف من تحقيق أحلامه؟
هناك صعوبة ولكن لا يوجد مستحيل، لأن الأمر لا يكفيه مجرد وجود قدرات أو فكرة أو طموح فقط وإنما بحاجة صبر وتصميم وإرادة قوية، سمعنا عن قصص النجاح عن أشخاص عانوا من الكثير من الصعوبات لكنهم استطاعوا التغلب عليها، وذلك عندما يبدؤا الآن ليس غداً.
نتيجة الدراسة، التصميم، الوقت، هي نتيجة جميلة ومفرحة جدً مهما طال زمنها.