سحر حسن: المرأة التي تحدت العمر والتقاليد والحرب

سحر حسن: المرأة التي تحدت العمر والتقاليد والحرب.


من منا لم يكن لديه طموح منذ الطفولة يخاف أن يفقده عند عمر الثلاثين؟ أو يعتقد أنه بوصوله لعمر معين عليه أن يتوقف عن الحلم، وأنه مع تقدم السنين عليه أن يتوقف عن ملاحقة طموحه والبقاء في مكانه؟

سحر حسن من مواليد دمشق 1975 خريجة معهد الكيمياء وموظفة إدارية بجامعة طرطوس قسم كلية الآداب حالياً، متزوجة ولديها أربعة أبناء، حققت حلماً معظمنا يراه صعباً بل وأحياناً مستحيلاً.

هنا رحلة الأسئلة مع السيدة سحر لنكتشف كيف تابعت أحلامها وما زالت تعمل على ذلك.

 

عرفينا عن نفسك قليلاً سيدة سحر، ماذا تعملين وما هي هواياتك؟

 

أنا سحر حسن تخرجت من معهد الكيمياء سنة 1996 اختصاص مخبري، وعملت بعدها مخبرية في كلية الطب بدمشق، كان اختياري لهذا الاختصاص نتيجة العرف الاجتماعي بأن خريج المعاهد يتوظف فور انتهائه من الدراسة، وبالفعل تخرجت بمعدل عالٍ حينها. لدي الآن أربعة أبناء، ثلاثة فتيات وشاب، ميار تدرس طب سنة سادسة ومانيا سنة ثانية صيدلة وعلي في الصف الحادي عشر ولمار في الصف التاسع. أما هوايتي فهي المطالعة، أحب قراءة الكتب كثيراً.

حين بدأت الحرب انتقلنا للعيش في طرطوس كالكثير ممن خسروا منازلهم، لذا انتقلت للعمل هنا في كلية الآداب بطرطوس.



درستِ في الجامعة بعد فترة طويلة، كيف حدث ذلك وما الذي دفعك للأمر؟

 

كانت الفكرة فكرتي، وقد نبعت من رغبتي في مساعدة أبنائي، فميار ومانيا مثلاً كان لديهن رهاب من الامتحان، وهذا الخوف بدأ يؤثر على علاماتهنّ، ثم بعد فترة انتقلت ميار لدراسة الطب في دمشق، لتترك فراغاً عند إخوتها.

هنا قررتُ التسجيل في الجامعة، لأتبارى مع أبنائي، ولأُريهم أنني أيضاً سأدرس، ولن أخاف من الامتحانات، رغم أني كنت أدرس معهم في امتحاناتهم لكن الخوف والتوتر بقي مرافقاً لهم، لذا كان الحل الوحيد أن يكون الموضوع جدياً، وفعلاً سجلت في التعليم المفتوح قسم إدارة الأعمال.



لماذا اخترتِ هذا الفرع وكيف كانت دراسته؟

بعدما درست البكالوريا كنت أرغب بتسجيل الأدب الفرنسي في الجامعة لأني كنت أحب اللغة وبارعة فيها، لكن بعد دراستي للكيمياء تعلقت بها أكثر وأبدعت، ثم بعد 25 عاماً لم أتجرأ دخول عالم اللغة لذا رغبتُ أن أدرس فرعاً في المجال العلمي بما أني أحب الرياضيات وأجدها مادة ممتعة، كما أن الفرع موجود في المدينة حيث أعيش كي لا أضطر للسفر والابتعاد عن أسرتي.

كانت بداية التجربة مخيفة، وفيها مجازفة كبيرة أن أعود للدراسة والسهر والمسؤولية بعد 25 عاماً، وحتى أثناء الامتحان كان يسألني أبنائي إن كنت خائفة، حينها أظهرت الشجاعة رغم توتري، ولكن مع تقدم الأيام تعودت على جو الامتحان، وخرجت منه بعلامات عالية.



من كان الداعم الأول لكِ؟

زوجي وأولادي هم الدافع والداعم، لقد عشت وحيدة تقريباً طوال العشرة سنوات الماضية لأن زوجي كان بعيداً معظم وقته في الجيش، كان الدعم متبادلاً حيث حاولت تشجيع أبنائي على عدم التفكير بالحرب وآثارها، وهم وقفوا إلى جانبي أثناء دراستي.



كيف قمت بكل ذلك وحدك؟ هل كان دور الأمومة والطالبة والداعمة والصديقة صعباً أم بديهيّاً؟

ليس هناك سهولة في الحياة، أنا شخص يحب التنظيم بطبعه، وحبي لمنزلي (أنا حدا بيتوتي) ساعدني على القيام بكل هذه الأمور، كنت أعود من عملي لأنظم أمور البيت ثم مساعدة الأطفال في دروسهم، وإذا كان هناك أي مهام لهم خارج المنزل أيضاً كنا ننفذها.

ابنتي ميار تعزف على آلتي الأورغ والكمان وقادت الأوركسترا بكل حفلات المركز الثقافي، مانيا رسامة، ولمار راقصة باليه جيدة جداً، كل ذلك كان يتطلب مني الاهتمام والالتزام بأوقات وأشغال على طول اليوم، لكني أفتخر بكل ذلك وأجد المتعة فيه.



ما هي التحديات التي واجهتها أثناء الدراسة؟

واجهتُ جميع التحديات التي تواجهها الناس في الوقت الحالي، الوضع المادي والمعيشي السيء، انقطاع الكهرباء والدفء، أي كلها أمور مادية، أما من ناحية أسرتي ومنزلي فقد كنا يداً واحدة.

وأحد الأمثلة التي أفتخر بها هي مساعدة أولادي لي، فلأن امتحانات التعليم المفتوح تبدأ عند انتهاء الامتحانات الأخرى كانوا يجدون الوقت لطبخ الطعام، وعند انتهائي من الامتحان كنا نتناقش بالأسئلة وكيف كان أدائي.

كنا نأخذ بعض الأمور بجدية وبعضها بالسخرية، أجد السخرية ثقافةً لطيفة يجب أن نتحلى بها لتمنحنا الراحة النفسية.



كيف كانت علاقتك ببناتك بالتحديد؟ وكيف انعكست هذه العلاقة على حياتكن سوية وتحقيق أحلامك؟

أنا وبناتي صديقات منذ طفولتهن، كنتُ أقرأ لهن القصص والكتب قبل النوم، لذا تعلقن بالمطالعة كثيراً، وعندما كانت لديهن تدريبات على حفلات كنا نتدرب سوية في المنزل، نرقص ونغني.

كبرن وبقيت علاقتنا متينة، كنت حريصة على أن أبقى مقربة منهن، وأن أعلم كيف يفكر الطفل وماذا يحب، وكيف تنتقدينه بدون أن تكسري فيه شيئاً، كيف تمنعين شعور الفشل بلحظته وكيف يجب أن يكون دافعاً لنجاح أكبر.

مسؤولية الأمومة ليست سهلة وخاصة في هذا الوقت، نحن بحاجة إعادة تأهيل الجيل الجديد ليرمم جروحه الداخلية.



أين أنتِ الآن وما هي خططك المستقبلية؟

كما تعلمين فإن عمل خريجي المعاهد يعتبر من الفئة الثانية، لذا خطوتي الأولى ستكون بتعديل فئتي إلى الأولى، وقد امتحنت لاختبار اللغة لقبول الماجستير ونجحت، وأتمنى أن أُقبَل وأكمل دراستي.

لدي حلم آخر يختص بالأطفال، فأودّ أن أفتتح نادي للقراءة والهوايات ومناقشة كتاب معين، أو لتعليم مبادئ اجتماعية بما يخص صحة الطفل النفسية بعيداً عن القلم والورق.



ما هي رسالتك  لكل سيدة ترغب بعمل شيء لكنها مترددة بسبب العمر؟ وماذا تنصحين الأشخاص الذين يرغبون في تحقيق طموحهم؟


النصيحة الوحيدة التي يمكن أن أقدمها هي ألا تقيس/ي عمرك بالسنين أبداً، العمر بالروح، ولتغذية الروح علينا بالأطفال والكتاب. ليس هناك من أمر معيب، ارقص/ي وغن/ي وافرح/ي واقرأ/ي وادرس/ي، صديقك هو الطفل والكتاب والفن، إنهم غذاء الروح.  إن كنت ترغب/ين بشيء افعل/يه اليوم لأنك قد لا تكون/ي موجود/ة غداً.



ورسالتي الأهم للأمهات:"ادعمي طفلك في أيّ كان."

 

admin