روز ميّا : مدرّسة لغة فرنسية تحدت العمر واعتبرته رقماً ليس أكثر لتدخل معترك السياسة من أوسع أبوابه

قصة شغف وإصرار، حكاية عزيمة وإيمان، نسجتها فتاة قوية أزاحت حجارة السنين والعمر عن طريقها، رحلة مليئة بالأحلام  والعقبات قادتها الأهداف والإرادة، وزينتها الحكمة والثقافة.

روز  أحمد ميا من مواليد طرطوس - قرية كرميا، خريجة أدب فرنسي ودبلوم علاقات دولية ودبلوماسية.

مدرّسة لغة فرنسية في ثانوية راجح محمود، تحدت العمر واعتبرته رقماً ليس أكثر وأنه ميزة لا عقبة.

بداية أخبرينا عنك قليلاً سيدة  روز، ما هو عملك وماهي اهتماماتك؟

 اسمي روز أحمد ميا، مدرّسة لغة فرنسية في ثانوية راجح محمود. درست الأدب الفرنسي في جامعة دمشق وتخرجت عام٢٠٠٥، كان سبب دخولي هذا الفرع درجاتي في البكلوريا، ولكن خلال دراستي عرفت أني أدرس فرعاً مهماً سيغير حياتي. أحببت اللغة الفرنسية واكتشفت أهمية تعلم اللغات، وكم تفتح لنا أبواباً متنوعة وواسعة.

في عام ٢٠٠٨ تعينت مدرسة لغة فرنسية في دير الزور لمدة أربع سنوات، و في عام ٢٠١٣ عدت إلى طرطوس محافظتي الأساسية بسبب الأزمة، ثم انتقلت إلى دمشق عام ٢٠١٧.

انتقلت للعيش في دمشق لأني أحبها أولاً وثانياً كان لدي طموحات لا يمكنني تحقيقها في طرطوس. كنت أطمح ان أعمل في المجال السياسي، ولكن دراستي وعملي بعيدان عن طموحي.

أنا الآن في السنة الثانية في الدراسات الدولية الدبلوماسية ودرجاتي بمعدل عالٍ جداً.

كيف بدأتِ رحلتك في المجال السياسي؟

كنت مترددة وخائفة من الفشل في البداية باعتبار أن عملي بعيد عن المجال السياسي، لكن تابعت في الأكاديمية كل ما طلب مني وحصلت على درجة امتياز.

ما سبب اختيارك لفرع الدراسات الدولية الدبلوماسية؟

أحب هذا المجال وكلما تعمقت وعرفت أكثر عنه كلما زاد حبي وتعلقي به وإصراري على تحقيق ما أحلم به.

أرى أن دراسة العلوم السياسية مهمة للغاية وخاصة في أيامنا هذه. فمن واجبنا أن نعرف أكثر عن السياسة في أمر راقي وأكاديمي بعكس ما يُشاع ويقال عن السياسة بأوصاف بعيدة عن حقيقتها.

من قدم لك الدعم خلال هذه الرحلة؟

كان ينقصني الدعم المادي فقط، وقد كان لصهري السيد (أيمن جديد) وصهري الدكتور (عدنان عبد الرحمن) وإخوتي نهلاء ووفاء دورٌ أساسي في استمراري ودعمي المعنوي والمادي.

ما رأيك بوجود النساء ضمن هذا المجال؟ 

وجود النساء في الوسط السياسي مهم وضروري، والقول بأن السياسة هي محصورة بالرجال خطأ فادح؛ لأن المرأة لديها قدرات مثل قدرات الرجل وتستطيع أن تقوم بأعمال عظيمة ومؤثرة.

إذا كان المثل يقول المرأة نصف المجتمع، فأنا أقول أن المرأة كل المجتمع لأنها هي التي تربي النصف الآخر من المجتمع، لذلك يجب أن تكون مثقفة سياسياً واجتماعياً كي تعرف حقوقها؛ فهي تقوم بمهمة غاية في الأهمية.

ماهي الطموحات التي وضعتِها أمام عينيكِ؟

 أتمنى أن أنخرط في العمل السياسي، وكما ذكرتُ سابقاً، فهذا الطموح يزداد كل يوم، حتى ولو لم أدخل العمل السياسي في الوقت الحالي، لكني أزيد ثقافتي في كل ما يخصه.

كما أنني أتابع دورات في المجال الإعلامي، لأن السياسة والإعلام مترابطان.

طموحي الأن هو أن أتابع دراسة الماجستير والدكتوراه بالعلوم السياسية.

 ما العقبات التي واجهتِها وكيف تغلبتِ عليها؟

واجهتني عقبات كثيرة، منها بعد عملي عن أجواء السياسة، وكنت أجد صعوبة في الاندماج في هذا الجو. كما واجهتني الصعوبات المادية، فالدورات والدراسات التي أقوم بها مكلفة ولولا دعم أهلي لما وصلت إلى هنا، كل ذلك بالإضافة إلى ضيق الوقت لأني أقضي معظم وقتي في المدرسة وتحضير الدروس والامتحانات.

كيف استطعتِ تدبّر كل الأمور الموكلة إليكِ؟

من حظي أن لدي العطلة الصيفية لأستغلها في الدراسة، وعند انتهائي من العمل أذهب مباشرةً إلى مكتبة الجامعة لأدرس. في الأكاديمية قمت ببحثين؛ الأول من ٢٥٠٠ كلمة بعنوان الشرعية الدولية ومصالح الدول الكبرى دراسة حالة ليبيا والعراق.والثاني من ٧٠٠٠ كلمة بعنوان التنافس الدولي في الأمم المتحدة على ضوء الأزمة السورية، أنا فعلاً سعيدة  بهذا الإنجاز.

أخبرينا قليلاً عن مهنة التدريس التي تعملين بها حالياً؟ 

لم أكن أرغب بالتدريس في البداية لكن بعدما درست اكتشفت أهمية التدريس والعملية التربوية. ولهذا اتبعت دورات المناهج المطورة وطورت قدراتي بالتدريس وشجعت طلابي لدراسة اللغة الأجنبية وأشرفت على مسرحية من تأليفي باللغة الفرنسية وقام طلابي  بالمشاركة في مسابقة للأعمال المسرحية باللغة الفرنسية وحصلنا على شكر.

أتمنى أن تتقدم العملية التربوية لأنها الأساس في التغيير نحو الأفضل.

ماهي رسالتك للمجتمع؟

أن ينطلق كلّ شخص من ذاته، ابدأ بتصحيح ذاتك؛ لأنه عمل أهم من تصحيح الآخرين. قد تكون البداية تكون صعبة، لكن مع الإرادة نصنع المستحيل، والمرور بالفشل ليس النهاية لأننا نستطيع أن نحاول من جديد ونتابع. الوصول إلى أعلى درجات الإنسانية واجب علينا وليس رفاهية.

إن العمر ليس عقبة لتحقيق ما عجزنا عن تحقيقه في السابق أو لم نكن نعي أن علينا سلوك هذا الطريق فنخطئ الطريق في البداية، بل يمكن أن نصحح طريقنا مازلنا على قيد الحياة.

 ماهي رسالتكِ للنساء؟

إن كانت ربة منزل، متعلمة أو غير متعلمة، متزوجة أو غير متزوجة، وأياً كان الوضع الذي تعيش فيه أقول لها أن العالم بين يديك، يمكنك تغيير العالم، حين تبدأين من نفسك، ثقي بقدراتك.

جملة أخيرة منك لنساء  العالم

اكسري بوعيك الصورة النمطية المفروضة على المرأة والتي لا تمت للحقيقة بصلة.

admin